بين كماشتي الإرهاب و التخادم الحوثي: اجتماع أمني في عدن يكشف المستور ويؤسس لمرحلة حاسمة

فتحي أبو النصر :

في لحظة بالغة الدقة من تاريخ اليمن، وبين ألغام سياسية وأمنية مزروعة بعناية في كل شبر من الأرض المحررة، عقد اليوم ، رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد محمد العليمي اجتماعا مفصليا باللجنة الأمنية العليا، بحضور رئيس الوزراء، وعدد من القادة الأمنيين والعسكريين، واضعا حجر الأساس لمرحلة جديدة عنوانها الحسم، واليقظة، وعدم التهاون.

الاجتماع لم يكن اعتياديا. فهو جاء تتويجا لتوجيهات واضحة عقب اجتماعات سابقة، وبناءً على تقارير دقيقة وشاملة عن الأوضاع الأمنية في المحافظات، خصوصا عدن وتعز، إذ تتقاطع خطوط النار بين تنظيمات إرهابية ومليشيات ح…وثية في مخطط يبدو أكبر من مجرد عمليات تخريبية متناثرة.

بل إنه مشروع واضح لإسقاط المدن من الداخل، بوسائل تتنوع بين التفجير، والاغتيال، والتخابر، والتضليل.

والأخطر في تقارير اللجنة الأمنية، كان كشفها لشبكة إرهابية يديرها أمجد خالد، قائد لواء النقل السابق، المتورط بصلات مباشرة مع كبار قادة الح..وثيين أمثال محمد عبدالكريم الغماري وعبدالقادر الشامي. فيما الشبكة لم تكن مجرد عصابة خارجة عن القانون، بل جهاز إرهابي متكامل له معامل تفخيخ، ووسائل توثيق مرئية، وإحداثيات دقيقة، وقدرة عالية على التغلغل في النسيج الأمني والمجتمعي.

والحدث الأبرز كان تفكيك خلية إرهابية في محافظة تعز، ثبت تورطها في تنفيذ عمليات اغتيال طالت شخصيات أممية ومحلية، أبرزها اغتيال مدير برنامج الأغذية العالمي مؤيد حميدي. هذه الجريمة بالذات، تعكس حجم الاستهداف الذي تتعرض له جهود الدولة في تعزيز الثقة مع المجتمع الدولي، ومحاولات خصومها لإجهاض تلك المساعي عبر القتل والفوضى.

والحال لم تكن تعز وحدها في مرمى الخطر، بل طالت الأيادي الإرهابية مواكب مسؤولين كما حدث مع محافظ عدن احمد حامد لملس في أكتوبر 2021، واغتالت شخصيات دينية، وأمنية، ومجتمعية، بل ومارست الإخفاء القسري كأداة لترويع المجتمع.

أمام هذه الصورة القاتمة، جاء الاجتماع ليجدد التأكيد على أهمية اصطفاف وطني شامل، ورفض قاطع لأي تبرير أو تهاون مع الإرهاب. فالوطن، وفق ما أكدته اللجنة، بحاجة لأعلى درجات اليقظة والاستنفار، لمواجهة مشروع ح..وثي إيراني لا يهدد السلطة فحسب، بل يهدد الهوية، والنسيج الاجتماعي، والمستقبل.

وفي مقابل هذا التحدي، أظهرت الحملة الأمنية والعسكرية المشتركة في تعز نموذجا يُحتذى، سواء من حيث التنسيق بين الأجهزة، أو من حيث دور المواطنين الذين أثبتوا أنهم الدرع الأوفى للجمهورية، والأكثر استعدادا للتضحية في سبيلها.

على إن ما يميز هذا الاجتماع، أنه لم يكتفِ بالتشخيص، بل اتخذ قرارات فعلية، أبرزها ملاحقة المطلوبين، مخاطبة الإنتربول الدولي، ودعم أجهزة مكافحة المخدرات، وتعزيز الإعلام التوعوي في مواجهة الفكر الضال، بالإضافة إلى تقوية الجبهة الداخلية ضد محاولات الاختراق الحوثية.

حضر هذا الاجتماع الأمني الذي عقده فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، كل من:

  1. رئيس مجلس الوزراء: سالم صالح بن بريك

  2. وزير الدفاع، رئيس اللجنة الأمنية العليا: الفريق الركن محسن الداعري

  3. وزير الداخلية: اللواء إبراهيم حيدان

  4. وزير الدولة ومحافظ محافظة عدن: أحمد حامد لملس

  5. محافظ محافظة تعز: نبيل شمسان

  6. رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية والاستطلاع الحربي: اللواء الركن أحمد اليافعي

  7. رئيس جهاز مكافحة الإرهاب: اللواء شلال علي شائع

  8. نائب رئيس جهاز الأمن القومي: اللواء الركن محمد عيضة

  9. وكيل جهاز الأمن القومي: اللواء نور الدين اليامي

  10. مقرر اللجنة الأمنية العليا: اللواء الركن عبدالحكيم شايف

  11. مدير مكتب رئيس مجلس القيادة الرئاسي: اللواء الركن صالح المقالح.

هؤلاء شكلوا الطاقم الأمني والعسكري رفيع المستوى الذي ناقش التقارير الأمنية، واتخذ قرارات حاسمة بشأن التصدي للإرهاب والتخادم الح..وثي، وتعزيز الاستقرار في المحافظات المحررة.

والشاهد إن اليمن، رغم كل التحديات، يثبت اليوم أن معركته ليست فقط على الجبهات، بل في قلب المدن، وفي عقول الناس، وبين ملفات التحقيقات الأمنية. وأن هناك قيادة حاضرة، تقرأ المشهد جيدا، وتملك إرادة الردع.

وطبعا قد لا تكون الطريق سهلة، لكن المؤكد أن اجتماع اليوم، برمزيته ومضمونه، دق جرس الإنذار الأخير: إما أن نحمي ما تبقى من اليمن، أو نتركه يتآكل من الداخل.

وفيما الخيارات واضحة، والمسؤولية جسيمة، لكن الإرادة – هذه المرة – تبدو أقوى من أي وقت مضى.!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى